منتدي الجيل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

2 مشترك

    نبي تفاعل رواية انت لي

    jo2009ad
    jo2009ad
    مشرف عام


    ذكر

    الجوزاء

    عدد المساهمات : 54
    تاريخ الميلاد : 18/06/1990
    تاريخ التسجيل : 01/10/2009
    العمر : 34

    نبي تفاعل رواية انت لي Empty نبي تفاعل رواية انت لي

    مُساهمة  jo2009ad الجمعة فبراير 26, 2010 7:26 pm

    اليوم جايب رواية انت لي للكاتبة السعودية منى الرشود
    قسمتها الى حلقات
    عشان نشوف التفاعل مع كل حلقه

    الحلقه الاولى
    مخلوقة إقتحمت حياتي !





    توفي عمي و زوجته في حادث مؤسف قبل شهرين ، و تركا طفلتهما الوحيدة ( رغد ) و التي تقترب من الثالثة من عمرها ... لتعيش يتيمة مدى الحياة .

    في البداية ، بقيت الصغيرة في بيت خالتها لترعاها ، و لكن ، و نظرا لظروف خالتها العائلية ، اتفق الجميع على أن يضمها والدي إلينا و يتولى رعايتها
    من الآن فصاعدا .

    أنا و أخوتي لا نزال صغارا ، و لأنني أكبرهم سنا فقد تحولت فجأة إلى
    ( رجل راشد و مسؤول ) بعد حضور رغد إلى بيتنا .

    كنا ننتظر عودة أبي بالصغيرة ، (سامر) و ( دانة ) كانا في قمة السعادة لأن عضوا جديدا سينضم إليهما و يشاركهما اللعب !

    أما والدتي فكانت متوترة و قلقة

    أنا لم يعن ِ لي الأمر الكثير

    أو هكذا كنت أظن !


    وصل أبي أخيرا ..

    قبل أن يدخل الغرفة حيث كنا نجلس وصلنا صوت صراخ رغد !

    سامر و دانة قفزا فرحا و ذهبا نحو الباب راكضين


    " بابا بابا ... أخيرا ! "


    قالت دانه و هي تقفز نحو أبي ، و الذي كان يحمل رغد على ذراعه و يحاول تهدئتها لكن رغد عندما رأتنا ازدادت صرخاتها و دوت المنزل بصوتها الحاد !


    تنهدت و قلت في نفسي :


    " أوه ! ها قد بدأنا ! "


    أخذت أمي الصغيرة و جعلت تداعبها و تقدم إليها الحلوى علها تسكت !

    في الواقع ، لقد قضينا وقتا عصيبا و مزعجا مع هذه الصغيرة ذلك اليوم .




    " أين ستنام الطفلة ؟ "


    سأل والدي والدتي مساء ذلك اليوم .


    " مع سامر و دانه في غرفتهما ! "


    دانه قفزت فرحا لهذا الأمر ، إلا أن أبي قال :


    " لا يمكن يا أم وليد ! دعينا نبقيها معنا بضع ليال إلى أن تعتاد أجواء المنزل، أخشى أن تستيقظ ليلا و تفزع و نحن بعيدان عنها ! "


    و يبدو أن أمي استساغت الفكرة ، فقالت :


    " معك حق ، إذن دعنا ننقل السرير إلى غرفتنا "


    ثم التفتت إلي :


    " وليد ،انقل سرير رغد إلى غرفتنا "


    اعترض والدي :

    " سأنقله أنا ، إنه ثقيل ! "


    قالت أمي :

    " لكن وليد رجل قوي ! إنه من وضعه في غرفة الصغيرين على أية حال ! "


    (( رجل قوي )) هو وصف يعجبني كثيرا !


    أمي أصبحت تعتبرني رجلا و أنا في الحادية عشرة من عمري ! هذا رائع !

    قمت بكل زهو و ذهبت إلى غرفة شقيقي و نقلت السرير الصغير إلى غرفة والدي .

    عندما عدتُ إلى حيث كان البقية يجلسون ، وجدتُ الصغيرة نائمة بسلام !

    لابد أنها تعبت كثيرا بعد ساعات الصراخ و البكاء التي عاشتها هذا اليوم !

    أنا أيضا أحسست بالتعب، و لذلك أويت إلى فراشي باكرا .




    ~~~~~~~~~



    نهضت في ساعة مبكرة من اليوم التالي على صوت صراخ اخترق جدران الغرفة من حدته !

    إنها رغد المزعجة

    خرجت من غرفتي متذمرا ، و ذهبت إلى المطبخ المنبعثة منه صرخات ابنة عمي هذه


    " أمي ! أسكتي هذه المخلوقة فأنا أريد أن أنام ! "


    تأوهت أمي و قالت بضيق :

    " أو تظنني لا أحاول ذلك ! إنها فتاة ٌصعبة ٌ جدا ! لم تدعنا ننام غير ساعتين أو ثلاث والدك ذهب للعمل دون نوم ! "


    كانت رغد تصرخ و تصرخ بلا توقف .

    حاولت أن أداعبها قليلا و أسألها :

    " ماذا تريدين يا صغيرتي ؟ "


    لم تجب !

    حاولت أن أحملها و أهزها ... فهاجمتني بأظافرها الحادة !

    و أخيرا أحضرت إليها بعض ألعاب دانه فرمتني بها !

    إنها طفلة مشاكسة ، هل ستظل في بيتنا دائما ؟؟؟ ليتهم يعيدوها من حيث جاءت !


    في وقت لاحق ، كان والداي يتناقشان بشأنها .

    " إن استمرت بهذه الحال يا أبا وليد فسوف تمرض ! ماذا يمكنني أن أفعل من أجلها ؟ "

    " صبرا يا أم وليد ، حتى تألف العيش بيننا "

    قاطعتهما قائلا :

    " و لماذا لا تعيدها إلى خالتها لترعاها ؟ ربما هي تفضل ذلك ! "

    أزعجت جملتي هذه والدي فقال :

    " كلا يا وليد ، إنها ابنة أخي و أنا المسؤول عن رعايتها من الآن فصاعدا . مسألة وقت و تعتاد على بيتنا "


    و يبدو أن هذا الوقت لن ينتهي ...

    مرت عدة أيام و الصغيرة على هذه الحال ، و إن تحسنت بعض الشيء و صارت تلعب مع دانه و سامر بمرح نوعا ما

    كانت أمي غاية في الصبر معها ، كنت أراقبها و هي تعتني بها ، تطعمها ، تنظفها ، تلبسها ملابسها ، تسرح شعرها الخفيف الناعم !

    مع الأيام ، تقبلت الصغيرة عائلتها الجديدة ، و لم تعد تستيقظ بصراخ و كان على وليد ( الرجل القوي ) أن ينقل سرير هذه المخلوقة إلى غرفة الطفلين !

    بعد أن نامت بهدوء ، حملتها أمي إلى سريرها في موضعه الجديد . كان أخواي قد خلدا للنوم منذ ساعة أو يزيد .

    أودعت الطفلة سريرها بهدوء .

    تركت والدتي الباب مفتوحا حتى يصلها صوت رغد فيما لو نهضت و بدأت بالصراخ

    قلت :

    " لا داعي يا أمي ! فصوت هذه المخلوقة يخترق الجدران ! أبقه مغلقا ! "

    ابتسمت والدتي براحة ، و قبلتني و قالت :

    " هيا إلى فراشك يا وليد البطل ! تصبح على خير "

    كم أحب سماع المدح الجميل من أمي !

    إنني أصبحت بطلا في نظرها ! هذا شيء رائع ... رائع جدا !

    و نمت بسرعة قرير العين مرتاح البال .

    الشيء الذي أنهضني و أقض مضجعي كان صوتا تعودت سماعه مؤخرا

    إنه بكاء رغد !

    حاولت تجاهله لكن دون جدوى !

    يا لهذه الـ رغد ... ! متى تسكتيها يا أمي !

    طال الأمر ، لم أعد أحتمل ، خرجت من غرفتي غاضبا و في نيتي أن أتذمر بشدة لدى والدتي ، إلا أنني لاحظت أن الصوت منبعث من غرفة شقيقي ّ
    نعم ، فأنا البارحة نقلت سريرها إلى هناك !

    ذهبت إلى غرفة شقيقي ّ ، و كان الباب شبه مغلق ، فوجدت الطفلة في سريرها تبكي دون أن ينتبه لها أحد منهما !

    لم تكن والدتي موجودة معها .

    اقتربت منها و أخذتها من فوق السرير ، و حملتها على كتفي و بدأت أطبطب عليها و أحاول تهدئتها .

    و لأنها استمرت في البكاء ، خرجت بها من الغرفة و تجولت بها قليلا في المنزل

    لم يبد ُ أنها عازمة على السكوت !

    يجب أن أوقظ أمي حتى تتصرف ...

    كنت في طريقي إلى غرفة أمي لإيقاظها ، و لكن ...

    توقفت في منتصف الطريق ، و عدت أدراجي ... و دخلت غرفتي و أغلقت الباب .

    والدتي لم تذق للراحة طعما منذ أتت هذه الصغيرة إلينا .

    و والدي لا ينام كفايته بسببها .

    لن أفسد عليهما النوم هذه المرة !

    جلست على سريري و أخذت أداعب الصغيرة المزعجة و ألهيها بطريقة أو بأخرى حتى تعبت ، و نامت ، بعد جهد طويل !

    أدركت أنها ستنهض فيما لو حاولت تحريكها ، لذا تركتها نائمة ببساطة على سريري و لا أدري ، كيف نمت ُ بعدها !

    هذه المرة استيقظت على صوت أمي !

    " وليد ! ما الذي حدث ؟ "

    " آه أمي ! "

    ألقيت نظرة من حولي فوجدتني أنام إلى جانب الصغيرة رغد ، و التي تغط في نوم عميق و هادىء !

    " لقد نهضت ليلا و كانت تبكي .. لم أشأ إزعاجك لذا أحضرتها إلى هنا ! "

    ابتسمت والدتي ، إذن فهي راضية عن تصرفي ، و مدت يدها لتحمل رغد فاعترضت :

    " أرجوك لا ! أخشى أن تنهض ، نامت بصعوبة ! "

    و نهضت عن سريري و أنا أتثاءب بكسل .

    " أدي الصلاة ثم تابع نومك في غرفة الضيوف . سأبقى معها "

    ألقيت نظرة على الصغيرة قبل نهوضي !

    يا للهدوء العجيب الذي يحيط بها الآن!

    بعد ساعات ، و عندما عدت إلى غرفتي ، وجدت دانه تجلس على سريري بمفردها . ما أن رأتني حتى بادرت بقول :

    " أنا أيضا سأنام هنا الليلة ! "

    أصبح سريري الخاص حضانة أطفال !

    فدانه ، و البالغة من العمر 5 سنوات ، أقامت الدنيا و أقعدتها من أجل المبيت على سريري الجذاب هذه الليلة ، مثل رغد !

    ليس هذا الأمر فقط ، بل ابتدأت سلسلة لا نهائية من ( مثل رغد ) ...

    ففي كل شيء ، تود أن تحظى بما حظيت به رغد . و كلما حملت أمي رغد على كتفيها لسبب أو لآخر ، مدت دانه ذراعيها لأمها مطالبة بحملها (مثل رغد ) .

    أظن أن هذا المصطلح يسمى ( الغيرة ) !

    يا لهؤلاء الأطفال !

    كم هي عقولهم صغيرة و تافهة !




    ~~~~~~



    كانت المرة الأولي و لكنها لم تكن الأخيرة ... فبعد أيام ، تكرر نفس الموقف ، و سمعت رغد تبكي فأحضرتها إلى غرفتي و أخذت ألاعبها .

    هذه المرة استجابت لملاعبتي و هدأت ، بل و ضحكت !

    و كم كانت ضحكتها جميلة ! أسمعها للمرة الأولى !

    فرحت بهذا الإنجاز العظيم ! فأنا جعلت رغد الباكية تضحك أخيرا !

    و الآن سأجعلها تتعلم مناداتي باسمي !

    " أيتها الصغيرة الجميلة ! هل تعرفين ما اسمي ؟ "

    نظرت إلي باندهاش و كأنها لم تفهم لغتي . إنها تستطيع النطق بكلمات مبعثرة ، و لكن ( وليد ) ليس من ضمنها !


    " أنا وليد ! "

    لازالت تنظر إلى باستغراب !

    " اسمي وليد ! هيا قولي : وليد ! "

    لم يبد ُ الأمر سهلا ! كيف يتعلم الأطفال الأسماء ؟

    أشرت إلى عدة أشياء ، كالعين و الفم و الأنف و غيرها ، كلها أسماء تنطق بها و تعرفها . حتى حين أسألها :


    " أين رغد ؟ "


    فإنها تشير إلى نفسها .

    " و الآن يا صغيرتي ، أين وليد ؟ "

    أخذت أشير إلى نفسي و أكرر :

    " وليد ! وليـــد ! أنا وليد !

    أنت ِ رغد ، و أنا وليد !

    من أنتِ ؟ "

    " رغد "

    " عظيم ! أنتِ رغد ! أنا وليد ! هيا قولي وليد ! قولي أنت َ وليد ! "


    كانت تراقب حركات شفتيّ و لساني ، إنها طفلة نبيهة على ما أظن .

    و كنت مصرا جدا على جعلها تنطق باسمي !


    " قولي : أنــت ولـيـــد ! ولــيـــــــد ...

    قولي : وليد ... أنت ولـــــيـــــــــــــــــــــد ! "




    " أنت َ لــــــــــــــــــــي " !!





    كانت هذه هي الكلمة التي نطقت بها رغد !

    ( أنت َ لي ! )

    للحظة ، بقيت اتأملها باستغراب و دهشة و عجب !

    فقد بترت اسمي الجميل من الطرفين و حوّلته إلى ( لي ) بدلا من
    ( وليد ) !

    ابتسمت ، و قلت مصححا :


    " أنت َ وليـــــــــــــد ! "

    " أنت َ لــــــــــــــــــي "


    كررت جملتها ببساطة و براءة !

    لم أتمالك نفسي ، وانفجرت ضحكا ....

    و لأنني ضحكت بشكل غريب فإن رغد أخذت تضحك هي الأخرى !

    و كلما سمعت ضحكاتها الجميلة ازدادت ضحكاتي !

    سألتها مرة أخرى :


    " من أنا ؟ "

    " أنت َ لـــــــــــــي " !


    يا لهذه الصغيرة المضحكة !

    حملتها و أخذت أؤرجحها في الهواء بسرور ...

    منذ ذلك اليوم ، بدأت الصغيرة تألفني ، و أصبحت أكبر المسؤولين عن تهدئتها متى ما قررت زعزعة الجدران بصوتها الحاد ....




    ~~~~~~



    انتهت العطلة الصيفية و عدنا للمدارس .

    كنت كلما عدت من المدرسة ، استقبلتني الصغيرة رغد استقبالا حارا !

    كانت تركض نحوي و تمد ذراعيها نحوي ، طالبة أن أحملها و أؤرجحها في الهواء !

    كان ذلك يفرحها كثيرا جدا ، و تنطلق ضحكاتها الرائعة لتدغدغ جداران المنزل !

    و من الناحية الأخرى ، كانت دانة تطلق صرخات الاعتراض و الغضب ، ثم تهجم على رجلي بسيل من الضربات و اللكمات آمرة إياي بأن أحملها ( مثل رغد ) .

    و شيئا فشيا أصبح الوضع لا يطاق ! و بعد أن كانت شديدة الفرح لقدوم الصغيرة إلينا أصبحت تلاحقها لتؤذيها بشكل أو بآخر ...

    في أحد الأيام كنت مشغولا بتأدية واجباتي المدرسية حين سمعت صوت بكاء رغد الشهير !

    لم أعر الأمر اهتماما فقد أصبح عاديا و متوقعا كل لحظة .

    تابعت عملي و تجاهلت البكاء الذي كان يزداد و يقترب !

    انقطع الصوت ، فتوقعت أن تكون أمي قد اهتمت بالأمر .

    لحظات ، وسمعت طرقات خفيفة على باب غرفتي .

    " أدخل ! "

    ألا أن أحدا لم يدخل .

    انتظرت قليلا ، ثم نهضت استطلع الأمر ...

    و كم كانت دهشتي حين رأيت رغد واقفة خلف الباب !

    لقد كانت الدموع تنهمر من عينيها بغزارة ، و وجهها عابس و كئيب ، و بكاؤها مكبوت في صدرها ، تتنهد بألم ... و بعض الخدوش الدامية ترتسم عشوائيا على وجهها البريء ، و كدمة محمرة تنتصف جبينها الأبيض !

    أحسست بقبضة مؤلمة في قلبي ....

    " رغد ! ما الذي حدث ؟؟؟ "

    انفجرت الصغيرة ببكاء قوي ، كانت تحبسه في صدرها

    مددت يدي و رفعتها إلى حضني و جعلت أطبطب عليها و أحاول تهدئتها .

    هذه المرة كانت تبكي من الألم .

    " أهي دانة ؟ هل هي من هاجمك ؟ "

    لابد أنها دانة الشقية !

    شعرت بالغضب ، و توجهت إلى حيث دانة ، و رغد فوق ذراعي .

    كانت دانة في غرفتها تجلس بين مجموعة من الألعاب .

    عندما رأتني وقفت ، و لم تأت إلي طالبة حملها ( مثل رغد ) كالعادة ، بل ظلت واقفة تنظر إلى الغضب المشتعل على وجهي .

    " دانة أأنت من ضرب رغد الصغيرة ؟ "

    لم تجب ، فعاودت السؤال بصوت أعلى :

    " ألست من ضرب رغد ؟ أيتها الشقية ؟ "

    " إنها تأخذ ألعابي ! لا أريدها أن تلمس ألعابي "

    اقتربت من دانة و أمسكت بيدها و ضربتها ضربة خفيفة على راحتها و أنا أقول :

    " إياك أن تكرري ذلك أيها الشقية و إلا ألقيت بألعابك من النافذة "

    لم تكن الضربة مؤلمة إلا أن دانة بدأت بالبكاء !

    أما رغد فقد توقفت عنه ، بينما ظلت آخر دمعتين معلقتين على خديها المشوهين بالخدوش .

    نظرت إليها و مسحت دمعتيها .

    ما كان من الصغيرة إلا أن طبعت قبلة مليئة باللعاب على خدي امتنانا !

    ابتسمت ، لقد كانت المرة الأولى التي تقبلني فيها هذه المخلوقة ! إلا أنها لم تكن الأخيرة ....




    ~~~~~~



    توالت الأيام و نحن على نفس هذه الحال ...

    إلا أن رغد مع مرور الوقت أصبحت غاية في المرح ...

    أصبحت بهجة تملأ المنزل ... و تعلق الجميع بها و أحبوها كثيرا ...

    إنها طفلة يتمنى أي شخص أن تعيش في منزله ...

    و لأن الغيرة كبرت بين رغد و دانة مع كبرهما ، فإنه كان لابد من فصل الفتاتين في غرفتين بعيدا عن بعضهما ، و كان علي نقل ذلك السرير و للمرة الثالثة إلى مكان آخر ...

    و هذا المكان كان غرفة وليد !

    ظلت رغد تنام في غرفتي لحين إشعار آخر .

    في الواقع لم يزعجني الأمر ، فهي لم تعد تنهض مفزوعة و تصرخ في الليل إلا نادرا ...

    كنت أقرأ إحدى المجلات و أنا مضطجع على سريري ، و كانت الساعة العاشرة ليلا و كانت رغد تغط في نوم هادئ

    و يبدو أنها رأت حلما مزعجا لأنها نهضت فجأة و أخذت تبكي بفزع ...

    أسرعت إليها و انتشلتها من على السرير و أخذت أهدئ من روعها

    كان بكاؤها غريبا ... و حزينا ...

    " اهدئي يا صغيرتي ... هيا عودي للنوم ! "

    و بين أناتها و بكاؤها قالت :

    " ماما "

    نظرت إلى الصغيرة و شعرت بالحزن ...

    ربما تكون قد رأت والدتها في الحلم

    " أتريدين الـ ماما أيتها الصغيرة ؟ "

    " ماما "

    ضممتها إلى صدري بعطف ، فهذه اليتيمة فقدت أغلى من في الكون قبل أن تفهم معناهما ...

    جعلت أطبطب عليها ، و أهزها في حجري و أغني لها إلى أنا استسلمت للنوم .

    تأملت وجهها البريء الجميل ... و شعرت بالأسى من أجلها .

    تمنيت لحظتها لو كان باستطاعتي أن أتحول إلى أمها أو أبيها لأعوضها عما فقدت .

    صممت في قرارة نفسي أن أرعى هذه اليتيمة و أفعل كل ما يمكن من أجلها ...

    و قد فعلت الكثير ...

    و الأيام .... أثبتت ذلك ...




    ~~~~~~



    ذهبنا ذات يوم إلى الشاطئ في رحلة ممتعة ، و لكوننا أنا و أبي و سامر الصغير ( 8 سنوات ) نجيد السباحة ، فقد قضينا معظم الوقت وسط الماء .

    أما والدتي ، فقد لاقت وقتا شاقا و مزعجا مع دانة و رغد !

    كانت رغد تلهو و تلعب بالرمال المبللة ببراءة ، و تلوح باتجاهي أنا و سامر ، أما دانة فكانت لا تفتأ تضايقها ، تضربها أو ترميها بالرمال !

    " وليد ، تعال إلى هنا "

    نادتني والدتي ، فيما كنت أسبح بمرح .

    " نعم أمي ؟ ماذا تريدين ؟ "

    و اقتربت منها شيئا فشيئا . قالت :

    " خذ رغد لبعض الوقت ! "

    " ماذا ؟؟؟ لا أمي ! "

    لم أكن أريد أن أقطع متعتي في السباحة من أجل رعاية هذه المخلوقة ! اعترضت :

    " أريد أن أسبح ! "

    " هيا يا وليد ! لبعض الوقت ! لأرتاح قليلا "

    أذعنت للأمر كارها ... و توجهت للصغيرة و هي تعبث بالرمال ، و ناديتها :

    " هيا يا رغد ! تعالي إلي ! "

    ابتهجت كثيرا و أسرعت نحوي و عانقت رجي المبللة بذراعيها العالقة بهما حبيبات الرمل الرطب ، و بكل سرور !

    جلست إلى جانبها و أخذت أحفر حفرة معها . كانت تبدو غاية في السعادة أما أنا فكنت متضايقا لحرماني من السباحة !

    اقتربت أكثر من الساحل ، و رغد إلى جانبي ، و جعلتها تجلس عند طرفه و تبلل نفسها بمياه البحر المالحة الباردة

    رغد تكاد تطير من السعادة ، تلعب هنا و هناك ، ربما تكون المرة الأولى بحياتها التي تقابل فيها البحر !

    أثناء لعبها تعثرت و وقعت في الماء على وجهها ...

    " أوه كلا ! "

    أسرعت إليها و انتشلتها من الماء ، كانت قد شربت كميه منه ، و بدأت بالسعال و البكاء معا .

    غضبت مني والدتي لأنني لم أراقبها جيدا

    " وليد كيف تركتها تغرق ؟ "

    " أمي ! إنها لم تغرق ، وقعت لثوان لا أكثر "

    " ماذا لو حدث شيء لا سمح الله ؟ يجب أن تنتبه أكثر . ابتعد عن الساحل . "

    غضبت ، فأنا جئت إلى هنا كي استمتع بالسباحة ، لا لكي أراقب الأطفال !

    " أمي اهتمي بها و أنا سأعود للبحر "

    و حملتها إلى أمي و وضعتها في حجرها ، و استدرت مولّيا .

    في نفس اللحظة صرخت دانة معترضة و دفعت برغد جانبا ، قاصدة إبعادها عن أمي

    رغد ، و التي لم تكد تتوقف عن البكاء عاودته من جديد .

    " أرأيت ؟ "

    استدرت إلى أمي ، فوجدت الطفلة البكاءة تمد يديها إلي ...

    كأنها تستنجد بي و تطلب مني أخذها بعيدا .

    عدت فحملتها على ذراعي فتوقفت عن البكاء ، و أطلقت ضحكة جميلة !

    يا لخبث هؤلاء الأطفال !

    نظرت إلى أمي ، فابتسمت هي الأخرى و قالت :

    " إنها تحبك أنت َ يا وليد ! "



    قبيل عودتنا من هذه الرحلة ، أخذت أمي تنظف الأغراض ، و الأطفال .


    " وليد ، نظف أطراف الصغيرة و ألبسها هذه الملابس "


    تفاجأت من هذا الطلب ، فأنا لم أعتد على تنظيف الأطفال أو إلباسهم الملابس !

    ربما أكون قد سمعت شيئا خطا !

    " ماذا أمي ؟؟؟ "

    " هيا يا وليد ، نظف الرمال عنها و ألبسها هذه ، فيما اهتم أنا بدانة و بقية الأشياء "

    كنت أظن أنني أصبحت رجلا ، في نظر أمي على الأقل ...

    و لكن الظاهر أنني أصبحت أما !

    أما جديدة لرغد !

    نعم ... لقد كنت أما لهذه المخلوقة ...

    فأنا من كان يطعمها في كثير من الأحيان ، و ينيمها في سريره ، و يغني لها ، و يلعب معها ، و يتحمل صراخها ، و يستبدل لها ملابسها في أحيان أخرى !

    و في الواقع ...

    كنت أستمتع بهذا الدور الجديد ...

    و في المساء ، كنت أغني لها و أتعمد أن أجعلها تنام في سريري ، و أبقى أتأمل وجهها الملائكي البريء الرائع ... و أشعر بسعادة لا توصف !


    هكذا ، مرت الأيام ...

    و كبرنا ... شيئا فشيئا ...

    و أنا بمثابة الأم أو المربية الخاصة بالمدللة رغد ، و التي دون أن أدرك ... أو يدرك أحد ... أصبحت تعني لي ...

    أكثر من مجرد مخلوقة مزعجة اقتحمت حياتي منذ الصغر ! ....
    احلى عالم
    احلى عالم


    انثى

    الاسد

    عدد المساهمات : 7
    تاريخ الميلاد : 16/08/1991
    تاريخ التسجيل : 11/01/2010
    العمر : 33

    نبي تفاعل رواية انت لي Empty رد: نبي تفاعل رواية انت لي

    مُساهمة  احلى عالم السبت فبراير 27, 2010 7:59 am

    روايه حلوه

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 1:43 am